من المفترض أن تكون العملة المستخدمة موحدة في جميع أنحاء الدولة، ولكن في واقع الأمر هناك صعوبة في التعامل مع أشكال الدفع المختلفة التي تتطلبها المؤسسات العامة والخاصة.
بعض هذه الكيانات لا يتعامل سوى بوسائل الدفع النقدي التقليدية، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك عن طريق اشتراط السداد بفئات معينة من العملة، على سبيل المثال العشرات أو الخمسينات أو المئات، وما إلى ذلك. ويفضل البعض الآخر استخدام الشيكات أو البطاقات أو غيرها من التحويلات المالية التي تتم من خلال البنوك.
أما الكيانات الأكثر تطورًا فإنها أكثر اعتمادًا على المعاملات الرقمية، سواء كانت محافظ إلكترونية أو تطبيقات للدفع أو حسابات بنكية رقمية، أو حتى العملات المشفرة!
في الماضي، وحتى في الوقت الحاضر، حاولت الحكومات في جميع أنحاء العالم تجربة مجموعة متنوعة من إجراءات الدفع لأغراض مختلفة. من الرموز المميزة إلى الضمانات والطرق المختلفة لسداد الضرائب، مر تاريخ أنظمة الدفع الحكومية في أي دولة بتغييرات عديدة لأسباب متنوعة.
الغرض الأساسي، كما تدعي الحكومات، هو تسهيل التعامل مع الجمهور وتقليل وقت الدفع وتعزيز الشفافية وسهولة التتبع، فضلاً عن إخضاع المعاملات المالية للرقابة والمحاسبة، وتوحيد أنماط المدفوعات في جميع القطاعات.
نظرًا لأنه لم يسبق لنا المرور بالتجارب التي نشهدها في العصر الحديث حتى يتسنى تقييم فرص نجاحها، سيكون من الحصافة إلقاء نظرة سريعة على تاريخ أنظمة الدفع المذكورة وهل حققت أهدافها من عدمه – وذلك قبل الغوص في تفاصيل الاتجاهات الحديثة!
نستعرض في السطور القادمة كيف طُبقت إجراءات الدفع التقليدية لدى الجهات الحكومية قبل ظهور الأنظمة الرقمية:
1. أنظمة المقايضة
نعم، المفهوم قديم جدًا، ولكنه لا يزال يستحق المناقشة. في إطار عملية المقايضة، يجد المتعاملون صعوبة في إيجاد الأطراف المقابلة التي يشعرون أنها تقدم أسعار عادلة للسلع التي يستبدلونها.
لا يوجد هنا مفهوم الشراء والبيع في شكله التقليدي، بل نتحدث بالأحرى عن عمليات تبادل بين سلع ذات مواصفات مختلفة. استلزم هذا الوضع المعقد قضاء وقت طويل للغاية في انتظار صفقة المقايضة التي نراها من وجهة نظرنا عادلة!
2. النقود والذهب
أعطى ظهور النقود والذهب دفعة هائلة لمسيرة تطور أنظمة الدفع، ولكنها انطوت أيضًا على العديد من نقاط الضعف. احتاج الناس إلى قدر معين من التعليم لإجراء مدفوعاتهم دون التعرض للاحتيال.
ظهرت ممارسات إجرامية بعد فترة قصيرة من نشوء هذا النظام، مثل الذهب المغشوش والسبائك المسروقة والعملات المزيفة. أصبح تغيير الأموال أيضًا مشكلة كبيرة، حيث واجه كثيرون صعوبة في العثور على فئات النقود الصغيرة، فيما اضطر البعض للانتظار في طوابير لا تنتهي، وهو الأمر الذي لا يزال يتكرر حتى اليوم!
وعلاوة على ذلك، فإن الأثر البيئي للاستهلاك السريع للأوراق المستخدمة في صناعة النقود أصبح أحد الأسباب الأخرى التي عجلت بالانتقال إلى نظام دفع جديد بعيدًا عن العملات الورقية.
3. البطاقات
يرى البعض أن بطاقات الائتمان والخصم كانت أفضل قليلاً في ضمان إجراء المدفوعات في الوقت المناسب، ليس فقط لدى المؤسسات الخاصة، ولكن أيضًا عند التعامل مع الجهات الحكومية. تقلل البطاقات من متاعب التعامل النقدي، وهي بالتأكيد طريقة أفضل من تضييع الوقت في البحث عن صفقة مقايضة عادلة.
برغم ذلك، تنطوي أنظمة الدفع باستخدام البطاقات على العديد من العيوب. على سبيل المثال، من السهل سرقة البطاقات كما يحدث مع النقود العادية. بل على العكس من ذلك، قد لا تشعر بسرقة البطاقة مقارنةً بسهولة اكتشاف ضياع رزمة النقود التي تحملها في جيبك. وحتى من زاوية الأثر البيئي، فإن البطاقات المصنوعة من البلاستيك ليست أيضًا من الخيارات المفضلة لنشطاء البيئة والمدافعين عن التغيرات المناخية.
4. العملات الإلكترونية
استدعى هذا العدد الكبير من عيوب أنظمة الدفع التي أشرنا إليها آنفًا الحاجة إلى ظهور عملة مقاومة للسرقة وسهلة الاستخدام في الدفع ولا تستهلك وقتًا طويلاً، وأيضًا لا تضر بالبيئة. إذا ألقيت نظرة فاحصة، ستلاحظ أن أنظمة العملات الإلكترونية، مثل الدرهم الإلكتروني، تعد قفزة هائلة تتجاوز في ميزاتها كافة أنظمة الدفع السابقة مجتمعة.
تعالج أنظمة الدفع الإلكترونية كافة عيوب نظيرتها التقليدية، كما تُضيف تحسينات خاصة بها إلى إجراءات الدفع. العيب الوحيد الذي يكتنف هذه النوعية من طرق الدفع هو السرقات الإلكترونية، ولكن على أية حال يمكن التعامل معها بسهولة من خلال تدابير الأمان الإضافية وبرامج مكافحة القرصنة. وعلاوة على ذلك، تتمتع أنظمة الدفع الإلكتروني بأنها سلسة وسريعة وشفافة تمامًا!
تتعامل العديد من المحافظ الإلكترونية في الإمارات مثل payit مع الدرهم الإلكتروني مباشر، وهو ما يمنحك فرصة إجراء مدفوعات فورية باستخدام عملة رقمية.
سهلت أنظمة الدفع الإلكتروني، مثل الدرهم الإلكتروني، من التعاملات المالية لأي شخص يتعامل مع الجهات الحكومية. على سبيل المثال، تتمتع المدفوعات الإلكترونية بالمزايا التالية:
1. سريعة
عندما تصل إلى كاونتر الدفع في أي مكان، فعلى الأرجح ستكون جاهزًا للدفع النقدي أو ببطاقة بنكية. ولكن لسوء الحظ قد تتفاجأ بنفاذ النقود في جيبك في هذه اللحظة. ويزداد الأمر سوءً إذا فوجئنا بأن ماكينة الكاشير قد رفضت بطاقة الدفع هي الأخرى! ستحتاج بعد ذلك إلى التفكير لعشر دقائق على الأقل في طريقة بديلة لسداد فاتورتك!
وعندما يتكرر هذا الموقف مع عدة أشخاص في طابور انتظار، يفقد الآخرون صبرهم وتبدأ الهمهمات الغاضبة. على العكس من ذلك، تُجنِبك تطبيقات المحافظ الإلكترونية هذه الفوضى حيث تزود المستخدم بتفاصيل كاملة عن فاتورته والأرصدة المتاحة حتى قبل الوصول إلى طاولة الدفع، وهو ما يعفيك من الإحراج والحيرة في اللحظات الأخيرة!
2. عن بُعد
تقدم الكيانات الحكومية خدماتها عبر الإنترنت والمكاتب التقليدية على حد سواء. ولهذا من الضروري أن توظف هذه الجهات نظام دفع عمومي يتضمن تطبيق إلكتروني، وكذلك أنظمة دفع بديلة لتلبي الاحتياجات المتنوعة للمواطنين الذين يتعاملون مع خدماتها. من المفترض أن يكون أي شخص قادرًا على الدفع مقابل أي خدمة، من أي مكان وعبر أي طريقة متاحة، بما يضمن سلاسة عملية الدفع إلى أقصى حد ممكن.
3. شفافة
تراقب السلطات الحكومية التطبيقات والخدمات التي يستعين بها الجمهور في إجراء المدفوعات الإلكترونية. وفي بعض الأحيان تقوم هذه الجهات العامة بإنشاء تطبيقاتها الخاصة التي تسهل عمليات الدفع على مراجعيها. يساعد ذلك كلاً من الحكومة والمواطنين على تتبع تدفق الأموال في جميع جنبات النظام المالي، بما يساعد على تسهيل المعاملات الضريبية وتقديم الحوافز وغيرها من الأمور ذات الصلة.
تقلل هذه الآلية أيضًا من أعباء جمع البيانات وحفظ السجلات، وهو ما يوفر المزيد من الوقت لجميع أطراف عملية الدفع!
4. أكثر أمانًا
عند إجراء عملية دفع إلكترونية، يتم تخزين أموالك في تطبيق آمن ومؤمن. تحتاج عادةً إلى اجتياز اثنين أو أكثر من إجراءات الأمان قبل الوصول إلى التطبيق. الخطوة الأولى هي استخدام رمز لفتح الهاتف، والثانية هي استخدام رمز آخر لفتح التطبيق.
تضمن هذه الآلية تأمين عمليات الدفع عبر الوسائل الرقمية. إذا كنت تزور البنك لدفع فواتيرك، فلن تقلق بشأن حمل النقود معك. وبالمثل، يضمن استخدام بطاقتك الائتمانية عدم تجاوز حدود السحب المقررة. وحتى في حالة سرقة هاتفك، لن يتمكن أي شخص من الوصول إلى أموالك.
مع ظهور طرق الدفع الرقمية وخدمة الدرهم الإلكتروني، تخطط الحكومة الإماراتية لنقل العديد من الأنشطة إلى ساحة الدفع الإلكتروني، وهو الاتجاه الذي يتعزز في حقبة ما بعد جائحة كورونا. كيف تخطط الحكومة لتحقيق هذا الهدف؟
تخطط الحكومة لتحقيق الأهداف التالية بحلول عام 2025:
برغم ذلك، فإن القدرة على تحقيق أهداف التحول الرقمي تواجه العديد من التحديات. يعزى ذلك بشكل رئيسي إلى التركيبة السكانية والتنوع الديموغرافي في البلاد. تحتضن الإمارات عدد كبير من الجنسيات، كما يشكل الوافدون النسبة الأكبر من سكان الدولة. يتطلب هذا التنوع تطبيق رقمنة المعاملات الحكومية بطريقة يسهل على جميع هذه المجموعات فهمها والوصول إليها.
يشكل الشباب أيضًا النسبة الأكبر من سكان الإمارات، وهو ما يعني أن الحكومة بحاجة إلى البقاء على اطلاع دائم بالتطورات الرقمية التي تتعامل معها هذه الفئة العمرية. يجب أن تكون الحكومة قادرة على مواجهة أي تحديات قد تواجه عملية الرقمنة بشكل سريع، فضلاً عن مواصلة الابتكار والتحديث في إطار الاستراتيجية الرقمية. ويمكن القول أن ابتكارات مثل محفظة payit الرقمية تعتبر هي الخطوة الأولى في سلسلة الحلول التكنولوجية التي يمكن تقديمها في هذا الإطار.
يساعد توفير الوقت الذي يقضيه الجمهور في الدوائر الحكومية في نهاية المطاف على زيادة الكفاءة ورفع مستوى رضا المواطنين عن الخدمات العامة. ظل الدفع النقدي، أو عبر الأنظمة المصرفية، هي الطريقة السائدة لإنجاز المعاملات المالية في الجهات الحكومية لفترة طويلة. ولكن في ظل الاستراتيجية الرقمية لحكومة الإمارات العربية المتحدة، أصبح هناك اتجاه واضح لنقل الكثير من هذه المعاملات بحيث تتم مباشرةً عبر الإنترنت.
ويساعد ظهور التطبيقات الرقمية مثل payit والدرهم الإلكتروني الحكومة في جهودها للانتقال إلى المدفوعات الرقمية. على سبيل المثال، فإن استخدام الدرهم الإلكتروني سيكون أكثر سهولة للمواطنين، ناهيك عن كونه متاحًا للجميع دون عوائق.
برغم ذلك، يشهد عالم التكنولوجيا تغيرات متسارعة في جميع المجالات. ولهذا ستظل هناك حاجة للابتكار المستمر حتى بالنسبة للتطبيقات الرقمية مثل الدرهم الإلكتروني، وهو أمر يتطلب المزيد من البحث والتطوير الجاد طوال الوقت.